رمضان في المدينه

[ABDUL SAFI]

المدينة المنورة في القرن الرابع عشر الهجري
أحمد سعيد بن سلم ص96-97
دار المنار ط1- 1414هـ 1993م

رمضان
تستقبل المدينة المنورة رمضان بفرح كبير يشترك فيه الرجال والنساء والأطفال معاً. كان أول ما تظهر بوادر رمضان تضاء مآذن المسجد النبوي الخمس فيصطع نورها في أرجاء المدينة ويصل ضوؤها إلى بعض ضواحيها، وفي يوم 29 شعبان وليلة ثلاثون يزدحم الحرم النبوي بالناس حتى يضيق بالمصلين ينتظرون ثبوت هلال رمضان ليصلوا التراويح (12).
رؤية الهلال:
وبعد غروب ذلك اليوم يصعد الناس إلى الهضاب والمرتفعات وأسطح المنازل والجبال القريبة من المدينة يتحرون رؤية الهلال، وكان من يرى الهلال يأتي لإثبات شهادته في المحكمة الشرعية (13).
بعض المظاهر الرمضانية:
بعد ثبوت هلال رمضان تجد الأطفال يطوفون في شوارع المدينة وبعضهم يحمل المشاعل المضاءة، وهم يرددون أناشيدهم التقليدية ((جابوا ما جابوا)) يرددونها بصوت واحد يسمعه سكان المدينة وهم يطوفون شوارع المدينة وحواريها، والنساء يسهرن إلى ما بعد منتصف الليل لطهي طعام السحور وقد أضيئت المنازل بالأضواء.
وفي عصر يوم 29 من شعبان يبدأ نشاط السوق بعرض أطعمة رمضان مثل:
قمر الدين، التمر، الشربة، المكسرات وتعادل المصاريف في رمضان مصروف ثلاثة أشهر في المدينة. يحرص الكثير من المدنيين على الإفطار في الحرم على ما تيسر من الطعام ودعوة غيرهم لمشاركتهم في الإفطار رغبة في الثواب لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من فطر صائماً له مثل أجره دون أن ينقص من أجره شيء)).
المسحراتي:
وهو معروف في العالم الإسلامي، ويمر على منازل الحي ليوقظ الناس بالقرع على الطبول، ويردد عبارات متعارف عليها في كل بلد تأخذ طابع معين ((يانايم وحد الدائم)) ويزور هذه البيوت في يوم العيد لينال شيئاً من الهدايا والأعطيات من حبوب ونقود والبعض يعطيه صدقة الفطر.


صور وذكريات عن المدينة المنورة
عثمان حافظ ص211 ـ 213

حديث مخضرم عن ذكريات الصوم
تستقبل المدينة المنورة .. رمضان بفرحة كبيرة .. ويشترك فيها الأطفال والنساء والرجال معاً .. وقد عاصرنا رمضان في فترات كثيرة وتطورت عوائده وتقاليده بتطور الحياة والزمن. وسوف يكون حديثي عن رمضان مخضرماً يجمع بين القديم والحديث عن عوائد رمضان وتقاليده .. كان أول ما تظهر بوادر رمضان .. اضاءة مآذن المسجد النبوي الخمسة فيسطع نورها في أرجاء المدينة ويصل ضوؤها إلى بعض ضواحيها .. بحيث يرى المرء ظله في بعض الرحبات القريبة من المسجد . وأذكر ، عندما كان مدير أوقاف المدينة غالب ( بك ) - وأظنه في آخر عهد الحكومة العثمانية - أذكر أن شريطاً كان يربط بين المئذنة الشكيلية ومئذنة باب المجيد .. يربط في الطوق الأول للمئذنة الشكيلية والمجيدية ويعلق بهذا الشريط أحرف مكتوبة بالثريات الكهربائية .. وقد كتب عليها ( أهلاً وسهلاً بشهر رمضان المبارك ) فكانت تتلألأ في رحبة المسجد النبوي بشكل جميل رائع ملفت للنظر .. وتشاهد أضواؤه صاعدة إلى السماء من الأمكنة البعيدة . وفي 29 شعبان وفي ليلة 30 منه يزدحم المسجد النبوي بالناس حتى ليكاد يضيق بالمصلين .. ينتظرون ثبوت هلال رمضان ليصلوا التراويح .. وتزداد إضاءة المسجد النبوي إضاءة ملحوظة في القسم المسقوف منه وفي الرملة .. حتى كانت توجد أعمدة من الحجر الأحمر منتشرة في رحبة المسجد النبوي تعلق عليها قديماً قناديل من الزيت وتضاء ليلاً في شهر رمضان وبعد وصول الكهرباء كانت توضع فيها ثريات من الكهرباء للإضاءة .

ــ رؤية الهلال :
وبعد غروب الشمس من يوم 29 شعبان يصعد الناس إلى الهضاب والمرتفعات وأسطحة المنازل والجبال القريبة من المدينة .. يتشوفون الهلال .. وقليلاً ماكان يثبت هلال رمضان من المدينة لأن الأفق الغربي في المدينة محاط بالجبال المرتفعة .. وفي السنين التي ثبت فيها رمضان من المدينة - وهي قليلة جداً - كان شهود الهلال فيها يأتون من قرى المدينة القريبة أو البعيدة - أو من السابلة التي يأتون المدينة لبيع المواشي والفحم والحطب .. ولا يصل هؤلاء .. إلا بعد وقت متأخر من الليل إذ إنهم يأتون إما مشياً على الأقدام - أو سيراً على دوابهم البطيئة السير .. لذلك ماكان يثبت رمضان إلا بعد منتصف الليل .. ومنذ عهد ليس بالقريب - كان يثبت شهر رمضان في الغالب عن طريق اللاسلكي .. فإذا رؤي الهلال في أي مدينة من مدن المملكة واعتمد سماحة رئيس القضاة شهادة الشهود ووافق جلالة الملك على ثبوته عمم على جميع أنحاء المملكة بواسطة اللاسلكي واعتمد رمضان في جميع البلاد السعودية .

ــ المحكمة الشرعية :
ويبدأ فضيلة القاضي جلوسه بالمحكمة الشرعية يوم 29 شعبان من بعد صلاة المغرب فوراً لسماع شهادة من رأى الهلال .. ويبقى إلى أذان العشاء ، وأذان العشاء في هذه الليلة يتأخر إلى الساعة الثانية .. أملاً في أداء صلاة التراويح بعد صلاة العشاء إذا ثبت رمضان .. أما في الأيام العادية فإن أذان العشاء يكون الساعة الواحدة والنصف ، وبعد صلاة العشاء في المسجد النبوي يعود فضيلة القاضي إلى المحكمة الشرعية ويبقى إلى ساعة متأخرة من الليل .. أملاً في حضور شاهد (( رأى )) الهلال من مكان بعيد .. أو استقبال اشارات اللاسلكي بالثبوت في أي قرية أو مدينة من مدن المملكة السعودية .. وفي عهد الحكومة العثمانية .. كان يعطى الشاهد الذي يثبت هلال رمضان بشهادة يعطى ( بخشيشاً ) وكان القاضي يتحرى كثيراً في قبول الشهادة لئلا يأتي للشهادة مطالب بالبخشيش وقد بطلت هذه العادة من زمن بعيد ..

ــ استقبال الأطفال لرمضان :
وبينما تنتظر المحكمة الشرعية شهود هلال رمضان تجد الأطفال يطوفون شوارع المدينة .. وبعضهم يحملون المشاعل المضاءة وهم يرددون أناشيدهم التقليدية ( جابوا ماجابوا .. جابوا ماجابوا )) يرددونها بصوت واحد يسمعه كل سكان المدينة تقريباً .. وهم يطوفون جميع شوارع المدينة وحواريها . والنساء يسهرن إلى مابعد منتصف الليل .. إلى مدافع السحور - والمويه - يطهون طعام السحور .. وقد أضيئت منازلهم بالأنوار . وموظفوا اللاسلكي تجدهم كلهم آذان يلتقطون الإشارات البرقية من هنا وهناك - من مختلف أنحاء المملكة التي تجري بين المراكز أو التي ترفع للجهات العليا عن ثبوت هلال رمضان .. وأجراس التلفونات لاتنقطع أبداً عن سؤال موظفي اللاسلكي عما لديهم من إشارات برقية، وأول ماتظهر رائحة رمضان تظهر من بين محطات اللاسلكي فتسمع من حين لآخر الاتصالات بين المراكز أو بين المحاكم عن تقدم الشهود في أي منطقة من مناطق المملكة .. إلى المحكمة .

ــ الحركة في الأسواق :
ومن بعد عصر يوم 29 شعبان يبدأ نشاط حركة الأسواق بالمدينة بعرض أنواع أطعمة رمضان .. ومما يختص به رمضان من الأطعمة .. السمبوسك والمكارنة والقمر الدين .. والفطائر والكنافة والقطايف والتمر المرقد ، والشربة والمقليات .. ولايكاد يخلو منزل من منازل المدينة من هذه الأنواع ولاتخلوا موائد شهر رمضان من الإسراف في الطعام حتى قال بعض شيوخنا إن مصاريف شهر رمضان تعادل مصروف ثلاثة شهور في الأيام العادية .
شاركنا رايك عبر الفيس بوك

[أبو فاطمة]

خلاص مابقي على رمضان شي
الله يعيده علينا وعليكم وعلى سائر الأمة الإسلامية بالخير
تحياتي